الاعتياد على الكذب يجعل الإنسان يكتسب هذه الصفة. لأنه سيستخدم هذه العادة من دون التفكير في كافة المواقف التي يتعرّض لها.
حيث أن الدماغ يعتاد قول الباطل بشكل دائم حتى في الحالات التي لا يوجد فيها أي مبرر لذلك. بالتالي يجب عدم تكرار الكذب والسعي الدائم من أجل الاعتماد على الصدق.
فالبعض يعتقد بأن قول الباطل يساعد في الوصول إلى الأهداف وتحقيق المكاسب. كما يعتقد البعض بأن الابتعاد عن قول الحقيقة يساعد في تجنّب الشرّ الذي قد يتعرض له الإنسان.
لكن الدكتور علي الربيعي يؤكد على أنه مهما كان النفاق والكذب منجي فإن الصدق ينجي الإنسان سواء في الدنيا أو في الآخرة.
الإدمان على الكذب من وجهة نظر الدكتور علي الربيعي:
يؤكد الدكتور علي الربيعي بأن هذه العادة سيئة جداً. وهي مذمومة لدى كافة الأديان والمجتمعات وكذب الإنسان عدة مرات مرة بعد مرة يجعل ذلك عادة.
بحيث تصبح عادة قول الباطل والابتعاد عن قول الحق جزء أساسي من حياة الإنسان. كما أنه لن يشعر بالراحة إذا لم يكذب مثلها مثل الإدمان على المخدرات.
مع العلم بأن قول الباطل قد يبدو في البداية وفي بعض المواقف. بأنه يساعد لكن هذا غير صحيح لأن الاستمرار بالباطل شيء سيء يدمر الحياة شيئاً فشيئاً.
بالتالي فإنه في حال كذب الإنسان مرة هو سيضطر إلى الكذب مرات عديدة ومتكررة. لهذا السبب يجب الحرص على الابتعاد عن الباطل قدر الإمكان والسعي دوماً لإظهار وقول الحقيقة.
الأسباب والدوافع إلى الكذب:
يعرّف الدكتور علي الربيعي هذه الصفة على أنها قول الحقائق بشكل منافي للواقع. بحيث يعتمد الشخص الكذّاب على إخفاء الحقائق واختراع قصص جديدة.
مع العلم بأن تزييف الحقائق قد يكون جزئي أو كلي حيث يعتمد الكاذب والمنافق على اختراع قصص وأحداث مناسبة لحاجاته وأهدافه.
وأهداف الشخص المنافق أو الكاذب قد تكون نفسية أو مادية أو اجتماعية وكل هذا هو النقيض لحالة الصدق التي يعبر فيها الإنسان عن الواقع. بشكل دقيق بحيث يذكر الحقائق كما هي ودون أي تزييف حتى لو كان هذا قد يكلّفه وأو يجعله يخسر.
وبشكل عام الأسباب التي تدفع الإنسان إلى الكذب عديدة ومتنوعة من أبرزها أن يرغب بالحصول على شيء ما بشكل غير مشروع. أو أن يكسب رضا بعض الأشخاص أو أن يحقق أي مكسب سواء كان مادي أو معنوي.
كما يوجد بعض الأشخاص الذين ليس لديهم أي دافع من أجل أن يقوموا بالكذب على أي شخص. لكنهم اعتادوا على أن يكذبوا ولا يمكنهم أن يتركوا هذه العادة أبداً.
أما أبرز أسباب رغبة الشخص في أن يكذب على الناس ومن حوله هي:
1- السعي من أجل إرضاء الناس:
قد يهدف الشخص عندما يكذب لأن يكسب رضا الناس من خلال تجميل الواقع وإخفاء الحقائق والسعي الدائم إلى إرضاءالناس. بهذه الطريقة لن يجدي نفعاً لأن حبل الكذب قصير وكل شيء سينكشف في نهاية المطاف.
2- الخجل وتجنّب الإحراج أمام الناس:
يوجد بعض الأشخاص الذين يخجلون من واقعهم أمام الناس ويسعون دوماً إلى تجميل هذا الواقع أمام الناس. كي يتجنّبوا الإحراج وهذا أمر معيب ومنكر حيث لا يحب أن يتم خلق أشياء وأحداث غير مرغوبة على الإطلاق.
بل يجب ذكر الواقع كما هو فالصدق لا يوجد فيه حرج لكن اعتماد مبدأ النفاق هو الأمر السيء. حيث أن الأمر المحرج أكثر هو عندما يكتشف الناس الحقائق والواقع كما هو.
3- بهدف التأثير على الناس:
كما قد يكذب بعض الأشخاص من أجل التأثير على آراء الناس وتوجيههم نحو أفكار محددة تخدم مصالح الكاذب. فيتم اللجوء إلى تغيير الحقائق واختراع واقع غير موجود لتحقيق هذا الهدف وهذا الفعل غير مشروع على الإطلاق.
حتى إن عواقبه تكون سيئة جداً بالإضافة إلى أن اكتشاف الناس أن هذا الشخص. قد قام بالكذب عليهم لفترة محدد يدفعهم لنبذه وإنزال مستواه الاجتماعي بدرجة كبيرة.
هذا يعني أن مبررات الكذب السابقة غير كافية وبالرغم من وجود هذه المبررات يتم اعتبار هذه الصفة سيئة جداً وغير حميدة مع العلم بأنه يوجد بعض المبررات التي شرّع فيها الدين الإسلامي أن يكذب الشخص فيها والتي سنتعرّف عليها في الفقرة التالية.
الكذب في الإسلام:
يتحدث الدكتور علي الربيعي عن الإنسان الذي يكذب حيث يتم اعتباره في الدين الإسلامي من الأشخاص المذمومين فقد حرّم الإسلام عن العادة الكذب بكافة الظروف.
حيث تم ذكر ذلك في القرآن الكريم أكثر من مرة وفي آيات قرآنية عديدة بالإضافة إلى أن السنة النبوية الشريفة تنهي عن هذه الصفة وقد تحدث الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم كثيراً عن مساوئ هذه الصفة.
وبعد أن تم إجراء إحصائية عن عدد مرات ظهور كلمة الكذب ومرادفاتها في القرآن الكريم نتج أنه تم ذكر هذه الصفة في 251 موضع.
بالإضافة إلى أنه تم ذكر مرادفات لهذه الصفة الكريهة وقد بلغ عدد هذه المرادفات 6 وهي الافتراء والتكذيب والقذف
والجحود والرد وجميعها تندرج تحت صفة النفاق وقول الباطل.
أنواع الكذب في الدين الإسلامي:
يتحدث الدكتور علي الربيعي عن رأي الإسلام في هذه الصفة ويقول بأنه يتواجد عدة أنواع للكذب في الدين الإسلامي وأعظمها ذلك النوع الذي يتم فيه النفاق على الله تعالى بحيث يعتمد الإنسان على أن يقوم بتحليل ما حرّمه الله عز وجل مع تحريم ما حلّل الله وهؤلاء مصيرهم جهنّم يوم القيامة.
ويوجد أيضاً نوع يتم فيه الكذب على الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم بحيث يقوم بنسب قول ما للرسول ويكون هذا القول باطل من أجل تحقيق هدف يصب في مصلحة هذا المنافق وهذا الإنسان أيضاً سيكون عقابه جهنم في يوم القيامة.
مع العلم بأنه يتواجد بعض الأنواع من الكذب في الإسلام تكون مباحة بحيث يتم لا يتم اعتبارها صفة سيئة وهذه الحالات هي:
الكذب من أجل الصلح:
إن إخفاء بعض الحقائق أو تجميل الواقع بعض الشيء من أجل إصلاح العلاقة بين شخصين مباحة فالهدف أخلاقي ويساعد في بناء علاقات طيبة بين المسلمين وهذا الأمر لا يتم اعتباره حرام على الإطلاق على العكس بل يتم اعتبار التقصّد في قول الواقع وإثارة المشاكل بين المسلمين هو الأمر المنكر.
الخداع في المعركة والحرب:
من أجل الفوز في المعركة قد يضطر الإنسان إلى خداع العدو فمن غير المنطقي أن يتم ترك العدو يغلبنا من أجل تحقيق الصدق فقد حلل الإسلام الكذب في هذه الحالة بحيث يكون الهدف هو حماية الذات والتغلب على العدو وهذا حق مشروع.
في النهاية يمكن القول بأن عادة الكذب هي من العادات السيئة التي تؤدي في كثير من الحالات إلى دمار المجتمع في حال تفشيها حيث لا يوجد أي مبرر يمكن أن يتم فيه تحليل هذه الصفة ما عدا المبررات التي تم ذكرها في الدين الإسلامي ولا يتم اعتبار هذه الحالات سيئة لأنها بالمجمل تهدف إلى صلاح المجتمع بشكل عام.